الثلاثاء، 1 مايو 2012

المريض والبقرة

بقلم دكتور / عبدالله منصور
فى صيف سنة 1982 كنت أعمل طبيباً بإحدى الوحدات الصحية بريف مركز قلين. واستدعيت فى أحد الأيام وقت الغروب ؛لفحص شاب فى بداية العقد الرابع من عمره؛وبالكشف الظاهرى وجدت المريض المغمى عليه يحرك عينيه تحت الجفون ؛ورأيت الدموع بمقلتيه ؛فأيقنت أنه قد تعرض لحادث نفسى أو مشكلة لم يستطع حلها ؛فأوحى له عقله الباطن بالهروب من الموقف بهذا التغيب الهستيرى.؛والحمد لله تمت افاقته وظلت دموعه منهمرة من عينيه بلا توقف! ...وبالسؤال عما أحزنه تبين أنه ذهب فى الصباح الباكر إلى سوق المواشى واشترى بقرة سمينة اختارها بعناية من شخصين أحدهما أو كلاهما نصاب !؛ودفع ثلاثمائة جنيها ثمنا لها ؛  وبينما جالس القرفصاء لعد  وتسليم النقود لأحدهما ابتعد الاّخر فذهب إليه ليتسلم بقرته ؛فطالبه بثمنها فقال له :لقد دفعتها لشريكك فقال له بصوت عالL (انت بترمى جتتك يا راجل انت أنا ماليش شركاء)؛وعلا صوتهما واشتبكا بالايدى وفشل الناس فى فض الاشتباك وحضر شرطى السوق ؛فاقتنع مع الحاضرين  بمنطق صاحب البقرة ؛وأهان الشاب المظلوم واتهمه بالنصب والاحتيال !.. ولما جلس  الشاب منهارا وباكيا ؛رق له قلب بعض من الناس وتجمعوا حوله يواسونه ؛وقال أحدهم: ربما يكون الرجل الذى أخذ النقود هو صاحب البقرة الراقدة بجوار سور السوق ولا نجد لها صاحبا منذ الصباح!...وذهبوا عندها فوجدها بقرة عجوزا كسيحة لا تقدر على الوقوف ولم يجدوا لها صاحبا بالفعل؛وقالوا له : (أكيد دى بقرة الراجل النصاب..تبقى حلال عليك) ؛وحملّوها على عربة كارو وأجلسوه بجوارها مذهولا   لاينطق !..وعاد بها إلى قريته مخزيا باكيا؛ وبعد وصوله جمعوا جزارى القرية لشرائها فأبوا أن يدفعوا أكثر من ستة وعشرين جنية ثمنا لها ؛فخر الشاب على الأرض مغشيا عليه.!....ولذلك استدعونى للكشف عليه فى المنزل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق